التعليم في القدس

التعليم في القدس

المقدمة

يشكل التعليم في القدس ركيزة أساسية، لها الدور في بناء المجتمع، ولهذا السبب يبذل الاحتلال جهوده لتهويده وإحكام السيطرة عليه، فتهويد هذا القطاع سيؤدي إلى تحقيق أهداف الاحتلال وتهويد القدس بشكل كامل.

التعليم في القدس في فترة الحكم العثماني:

تم تقسيم الدراسة في هذه الفترة إلى ثلاثة مراحل:
1- المرحلة الابتدائية.
2- مرحلة الرشد.
3- المرحلة الإعدادية.

وقد تم وضع قانون تفصيلي لتعليم مجاني إلزامي ينص على وجوب إنشاء مدرسة ابتدائية في كل قرية، ومدرسة إعدادية في كل بلدة يزيد سكانها عن 1000 نسمة، وسمح القانون بفتح المدارس الخاصة لمختلف الطوائف الدينية، وقام المقدسيون بفتح مدارسهم الخاصة وركزوا على التربية الإسلامية والوطنية ومختلف العلوم والمعارف، وفي نهاية الحكم العثماني بلغ عدد السنوات الدراسية 12 عامًا.

التعليم في القدس في فترة الاحتلال البريطاني:

ارتفع عدد المدارس في هذه الفترة من 100 مدرسة عام 1917م إلى 550 مدرسة عام 1947م، وفي نهاية الفترة البريطانية بلغ عدد المنتسبين لهذه المدارس 30%. وبالرغم من هذا التطور الواضح إلا أن الاحتلال البريطاني لم يمنح التعليم العربي استقلاليته، وبالمقابل منحها للتعليم الصهيوني.

التعليم في القدس بين 1948م - 1967م:

انقسمت مدينة القدس بعد عام 1948م إلى قسمين:
– قسم غربي تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي
– قسم شرقي تحت حكم الأردن وتسري عليه قوانين التعليم في الأردن

وفي عام 1950م، تم إنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأنروا) التي وفرت التعليم للأطفال اللاجئين لمدة 9 سنوات، ووصل عدد الطلاب في هذه الفترة إلى 87% وزاد عدد المدارس أيضًا بشكل واضح، كما أنه كان تعليمًا إلزاميًا بحسب القانون الأردني، وشمل المرحلة الابتدائية والإعدادية فقط.

التعليم في القدس بين 1967م - 1971م:

بعد عام 1967م، أصبحت المنطقة الشرقية من مدينة القدس تحت سيطرة الكيان الصهيوني، وقام الكيان بإلغاء قانون التعليم الأردني فيها، وأغلق مكتب التعليم، وبالتالي أصبحت المدارس الحكومية تحت رقابته، وسمح للمدارس الخاصة بإدارة شؤونها تحت رقابته الخاصة. حاول الكيان الصهيوني تهويد قطاع التعليم في القدس بتطبيق المنهاج الصهيوني فيه، لكن المقدسيين توحدوا ضد هذا وامتنعوا عن إرسال أولادهم للمدارس الحكومية، واستمرت المدارس الخاصة بإعطاء المنهاج الأردني، وبعد اكتظاظ المدارس الخاصة ظهرت فكرة المدارس البديلة.

التعليم في الفترة بين 1971م - 1994م:

قام المقدسيون في هذه الفترة بمقاومة الكيان الصهيوني ومنهاجه حتى أن تم وضع “منهاج موحد” والذي جمع ما بين المنهاج الأردني والصهيوني وتم تدريسه في المدارس الثانوية، وكان له تأثير سلبي على جميع الطلاب.

وفي عام 1973م أُعيد تطبيق المنهاج الأردني بشكل تدريجي لكن مع إدخال بعض التعديلات الخطيرة عليه، كـإزالة اسم فلسطين عن خارطة كتب التاريخ والإنسانيات، واستخدام المسميات العبرية للمناطق، كما أنه فرض على المدارس إدخال مادتي (اللغة العبرية) ومادة (دولة إسرائيل) إلى المناهج ومنع استيراد الكتب من الدول العربية.

التعليم من 1994م إلى الآن:

بعد إنشاء السلطة الفلسطينية تم إنشاء وزارة التربية والتعليم وقامت باستلام التعليم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي القدس قامت باستلام مدارس الأوقاف فقط، واستمر تدريس المنهاج الأردني في مدارس الأوقاف والمدارس الخاصة الفلسطينية ومدارس الغوث في شرقي القدس.
وقام الكيان الصهيوني بحذف شعار السلطة الفلسطينية عن أغلفة الكتب وفرض تدريس (اللغة العبرية) و (تاريخ إسرائيل) في المدارس الخاضعة له، أما بالنسبة لوزارة التربية والتعليم فقد حاولت دعم معلمي ومدارس شرق القدس إلا أن إمكانياتها بقيت محدودة مقارنة باحتياجات هذه المدارس.

المناهج المعتمدة في مدارس القدس

– المناهج في مدارس الأوقاف:
بقيت هذه المدارس تدرس المنهاج الأردني منذ إنشائها حتى تم إنشاء المنهاج الفلسطيني.
– المناهج في المدارس الخاصة:
تُدرس هذه المدارس المنهاج الفلسطيني مع اللغة العبرية بسبب المساعدات المشروطة التي تأخذها من الكيان الصهيوني.
– المناهج في مدارس وكالة الغوث:
رفضت هذه المدارس تدريس المنهاج الصهيوني واستمرت بتدريس المنهاج الأردني حتى تم إنشاء المنهاج الفلسطيني
المناهج في مدارس المعارف والبلدية: تُعد هذه المدارس من المدارس التابعة للكيان الصهيوني وتُدرس المنهاج الفلسطيني (المُعدل)، وتم فرض عليها مادة (اللغة العبرية) ومادة (تاريخ إسرائيل)

الجهات المشرفة على التعليم في القدس:

تشرف على مدارس القدس 4 جهات مختلفة وهي:
1- دائرة الأوقاف الإسلامية:  ارتبطت بوزارة التربية والتعليم الأردنية حتى قرار فك الارتباط، وبقيت تتبع رسميًا لدائرة الأوقاف الإسلامية، وفيما بعد أصبحت تابعة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
2- المدارس الأهلية و الخاصة: تعتمد هذه المدارس على الرسوم المدرسية أو تبرعات الكنائس، ويلجأ أغلب هذه المدارس للمساعدات المشروطة من الكيان الصهيوني.
3- مدارس وكالة الغوث ( الأونروا ): تتبع لوكالة الغوث (الأونروا)، وهي التي تتولى تتعين الموظفين ودفع رواتبهم وتوفير مستلزمات للمدارس، وبدأت تعاني في الفترة الأخيرة من قلة الميزانية وضعف الإمكانيات.
4- المدارس التابعة للكيان الصهيوني المحتل: تتقاسم وزارة المعارف وبلدية القدس الصهيونية الإشراف على هذه المدارس، حيث تقوم وزارة المعارف بالإشراف على المدارس الأساسية، وتتولى بلدية القدس المدارس الثانوية.

تحديات يواجهها التعليم في القدس:

1- الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني الصعب على طلاب القدس:
تؤثر هذه الأوضاع بصورة مباشرة وغير مباشرة على الطلاب، وتلعب دورًا مهمًا في حياتهم، وتعمل على إجبار الطالب على إنهاء حياته الدراسية والتوجه إلى سوق العمل.
2- تعدد الجهات المشرفة على التعليم:
يتسبب هذا بغياب المرجعية الموجهة للتعليم، مما يسهل على المُحتل تدخله في قطاع التربية والتعليم وإدخال مخططاته الصهيونية عليه.
3- نقص الغرف الصفية و الأبنية المستأجرة:
تعاني مدارس القدس من نقص في الغرف الصفية، مما يؤثر على الطلاب بشكل سيىء ويؤدي إلى التسرب المدرسي.
4- الحواجز العسكرية و جدار الفصل العنصري:
يتسبب الجدار العنصري والحواجز بعرقلة العملية التعليمية في مدينة القدس، حيث أُجبر بعض الطلاب ترك مدارسهم وإكمال تعليمهم في مدارس أُخرى.
5- النقص في الكادر التعليمي :
تعاني مدارس القدس -ما عدا التابعة للاحتلال- من نقص حاد في الكادر التعليمي المؤهل وذلك بسبب: - تدني الرواتب. – رفض سلطات الاحتلال منح المعلمين تصاريح لدخول القدس

تهويد التعليم

التهويد:
هو محاولة من الكيان تهدف إلى فرض مناهجه في مدارس مدينة القدس، وذلك بهدف التحكم في قطاع التعليم.
ممارسات الاحتلال لتهويد التعليم في القدس:
– طمس الآثار العربية والإسلامية وإبراز المعالم والآثار الصهيونية.
– فرض مساقات الاحتلال الإسرائيلي في مدارس القدس.
– إزالة المفاهيم المتعلقة بالمقاومة والعقيدة والدين.
– مسح كلمة “فلسطين” لتحل محل كلمة “إسرائيل”.
– تبديل المصطلحات العربية بمصطلحات عبرية.
– زيادة التضييق على المدارس العربية.

أبرز ممارسات التهويد حاليًا:
قيام الكيان الصهيوني بفتح باب التسجيل لعام (2018 / 2019)م، من خلال تعبئة نموذج إلكتروني مُضلل يقوم من خلاله بتخيير أولياء الأمور بين النظام الصهيوني والنظام الفلسطيني ويقوم من خلاله بخداع أولياء الأمور.

خاتمة

يُشكل قطاع التعليم هدفًا أساسيًا لدى الكيان الصهيوني، إذ يعمل جاهدًا للسيطرة عليه وتهويد مناهجه الدراسية وتحريفها بما يتناسب مع مخططاته الصهيونية، وذلك ليقوم بتغيير فكر الأجيال القادمة وإبعادهم عن قضية المسجد الأقصى.