تاريخ القدس في العهد الأيوبي والمملوكي

تاريخ القدس في العهد الأيوبي والمملوكي

العصر الأيوبي

ارتبط تحرير القدس في ذاكرة المسلمين باسم الملك الناصر لدين الله يوسف بن أيوب رحمه الله، لأنه قاد جيش المسلمين فاتحًا للقدس، بينما كان عماد الدين الزنكي هو الذي وضع هذه الخطة، وعاش حياته كلها يطارد الصليبيين ويحاربهم. بعد وفاه نور الدين ظنَّ الكثيرون أن الأمر قد انتهى، وفرح الصليبيون، واختلف أمراء البيت الزنكي بعد وفاة على الخلافة، وفيما بعد استنجد البعض بصلاح الدين الأيوبي، الذي قام باعادة التوحيد وإنهاء الخلافات، كما أنه اتبع أسلوباً مشابهاً لنور الدين في الحكم والولاية، وكان يميل إلى حقن دماء المسلمين، وبعد إكمال توحيد بلاد الشام قام بخلع شوكة الصليبيين من جسد المسلمين وإنهاء وجودهم في الأراضي المقدسة.

مخططات صلاح الدين الأيوبي

حرص صلاح الدين الأيوبي على تحقيق هدف الوحدة الإسلامية وبذل جهداً في ضم قسم كبير من العالم العربي تحت لوائه، ونتيجة لهذه الوحدة تهيأ بين يدي صلاح الدين من المال والرجال والعتاد الشيء الكثير الذي يناسب إيقاف جموع الصليبيين، وفي 583هـ كتب صلاح الدين إلى جميع البلاد يأمرهم بالإعداد للجهاد، فالتف حوله جيش قوي خاض به المعارك في طريقه إلى القدس قبل أن يحسم أمرها فكانت تلك المعارك مقدمات وممهدات لفتح القدس.

معارك صلاح الدين قبل فتح القدس

معركة حطين:
تعتبر معركة حطين إحدى المعارك الجليلة في تاريخ المسلمين وصفحة ناصعة من صفحات هذه الأُمَّة، حيث كانت هذه المعركة بمثابة جسر للعبور إلى القدس.

تحرير قلعة طبرية:
قام صلاح الدين بتحرير هذه القلعة بعد أن انتصر في معركة حطين التي زعزعت ثقة الصليبين، فقام بحصار القلعة حتى استسلم من فيها.

 تحرير عكا:
سار صلاح الدين إلى عكا بعد تحرير قلعة طبريا فنزل فيها وافتتحها صلحًا وأخذ ما كان بها من حصائل الملوك وذخائرهم، وأنقذ من كان فيها أسيرًا من المسلمين.

تحرير بيت المقدس

اجتمع في القدس أكبر الملوك مكانة والنصارى الذين هربوا من معركة حطين إليها، وأعدوا ما استطاعوا فيما بينهم ليمنعوا المسلمين من الاستيلاء على بيت المقدس، وقاموا بتحصينه جيدًا. بقي صلاح الدين الأيوبي لعدة أيام يستطلع حول المدينة ليقرر من أين يقاتلهم، إلى أن وصل إليها من جهة الغرب، وبدأ حصارها، ودام الحصار 12 يومًا، إلى أن تم فتح ثغرة في الزاوية الشمالية الشرقية، حينها قام قائد الحامية الصليبية في المدينة بطلب الصلح، فوافق صلاح الدين وتم فتح المدينة في يوم الجمعة في السابع والعشرين من شهر رجب.

ترتيبات صلاح الدين الأيوبي في القدس

بدأ صلاح الدين بتطهير المسجد الأقصى والمدينة بعد الفتح لإعادة الطابع الإسلامي لها، فقام بـ:
– بإزالة الصليب الكبير الذي وضعه الصليبيون أعلى قبة الصخرة.
– بحفر خندق عميق حول مدينة القدس، وجدّد بناء السور.
– أمر بإعادة الأبنية جميعها إلى حالها القديم.
– أمر ببناء المنبر.
– أمر بعمارة المسجد الأقصى وترميم نقوشه.

العصر الأيوبي فيما بعد السلطان الناصر صلاح الدين

بعد وفاة السلطان صلاح الدين الأيوبي دبَّ الخلاف بين قادته على تولي أمور السلطة، ويبدو أن تهديد القدس كان واضحاً منذ فترة مبكرة، وبدأ ظهور الضعف في الأمة مرة أخرى، حيث تم تخريب أسوار مدينة القدس، وتم احتلال المدينة مرة أخرى على يد الصليبيين وبعدها قام الملك عيسى بإخراج الصليبيين من المدينة. بقي الصراع مستمراً هكذا وعادت القدس تحت احتلال الصليبين مرة أخرى، وبقي كذلك حتى 643هـ، حتى قام الملك الصالح نجم الدين بالاستعانة بأهل مصر وقام بطرد الصليبيين واسترجاع القدس وإعادتها إلى المسلمين.

أهم الآثار الأيوبية في المسجد الأقصى التي لا تزال باقية إلى يومنا الحالي

– القبة النحوية.
– الرواق العرضي في مقدمة الجامع القبلي.
– المطهرة “مكان الوضوء”.
– تجديد قبة المعراج.

العصر المملوكي

يُعد العصر المملوكي العصر الذهبي للقدس، فقد ازدهرت المدينة المقدسية فيه إزدهارًا كبيرًا، وازداد سكّانها، وازدهرت الحركة العلمية في المدينة، وانتشرت المدارس والقباب والمصاطب التعليمية في كل مكان، وساد رخاء المدينة بشكل عام. أحبّ المماليك القدس وأعطوها من وقتهم وجهدهم الكثير، والمدينة التي نراها في أيامنا الحالية معظمها يعود للعصر المملوكي، كما أن الفنون المملوكية في الزخرفة والبناء في المدينة وفي المسجد الأقصى المبارك، وخاصة في قبة الصخرة المشرفة كانت من أجمل ما مرَّ على المدينة المقدسة.

تاريخ العصر المملوكي

امتد العصر المملوكي منذ عام 648هـ إلى عام 922هـ، أي حوالي 270 عامًا ازدهرت فيها الحركة الثقافية والعمرانية في مدينة القدس.

أبرز إنجازات المماليك بالقدس

أهم إنجازاتهم في الأقصى:

– قام السلطان محمد بن قلاوون الصالحي بترميم الجامع القبلي وقبة الصخرة المشرفة، أضاف الكثير من الزخارف.
– إضافات السلطان الملك الأشرفي قايتباي إلى المسجد الأقصى المبارك، ومن أهم آثاره في المسجد بناء المدرسة الأشرفية وسبيل قايتباي.
– الأوقاف الكثيرة التي أوقفها سلاطين المماليك وحكامهم على المسجد الأقصى المبارك.

الآثار الباقية للمماليك في وقتنا الحالي

للمماليك أيضاً في الأقصى المبارك إلى الآن العديد من الآثار، منهم:

– باب القطانين
– سبيل قايتباي
– الرواق الغربي للمسجد الأقصى
– المدارس التي انتشرت بكثافة في محيط المسجد

ما بعد الدولة المملوكية

نرى الحركة العمرانية توسعت بشكل كبير في أيام المماليك في القدس والمسجد الأقصى، وبقيت كذلك إلى فترة الضعف التي بدأت تعتري الدولة المملوكية بعد وفاة السلطان الملك الأشرف قايتباي، وانتشرت في تلك الفترة الضرائب الكثيرة التي ضاق بها العامة بشدة حتى عام 922هـ.