القدس في العقيدة الإسلامية

القدس في العقيدة الإسلامية

المقدمة

المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني المسجدين، لا تستطيع الكلمات أو الحروف أن تعطيه حقه، فهو أحد الثلاثة أماكن المقدسة التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم على زيارتها وشد الرحال اليها. كما أنه مسجدا مباركا يتصف بصفة البركة، حيث جاء في القرآن “الذي باركنا حوله”، وهي من أبلغ وأعظم التعابير عن بركة المسجد الأقصى وشرفه العظيم، لا سيما ان في أرض الرسالات ومعرج الأنبياء.

فضائل المسجد الأقصى المبارك

قال تعالى: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله”. من هذه الآية القرآنية نستدل على فضائل المسجد الأقصى المبارك، فهو ورد ذكره في القرآن الكريم، ليدل على أهمية وعظمة هذا المكان. كما اختصه الله سبحانه وتعالى بالبركة لما حوله، وهذا يدل على أنه أصل البركة ومنبعها والتي عمت لتصل إلى ما حوله. ليس هذا فحسب، فإن أيضا من فضائل المسجد الأقصى، أن الصلاة فيه مضاعفة فيه ل 500 صلاة.

حدود المسجد الأقصى المبارك

المسجد الأقصى المبارك يشكل مساحة كبيرة، حيث تبلغ مساحته 144 دونم، حيث تشمل هذا المساحة كل ما بداخل السور من مصليات مسقوفة فوق الأرض أو تحتها، وكذلك تشمل المصاطب والمحاريب والقباب والأروقة والزوايا ….الخ من المعالم.

خرافات وأساطير حول الصخرة المشرفة.

كثرت الخرافات والأساطير حول الصخرة المشرفة التي بني عليها مصلى قبة الصخرة، والتي تقع في أعلى نقطة في المسجد الأقصى المبارك، في موقع قلب المسجد بالضبط. من الخرافات والأساطير والقصص الخيالية التي وردت حول هذه الصخرة: أنها طائرةٌ في الهواء ومنهم من قال أنها طارت خلف النبي صلى الله عليه وسلم عند معراجه إلى السماء، ومن الأكاذيب أيضًا أنها من صخور الجنّة وسيدة الصخور وأن مياه الأرض كلها تخرج من تحت هذه الصخرة وغيرها من الأساطير. لكن حقيقة الأمر أنها صخرة عادية ليس فيها أي ميّزة إلا أنها كانت قبلة أنبياء بني إسرائيل قبل النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج من فوقها للسماء ليلة الإسراء والمعراج. فلا ينبغي لنا تصديق كل ما يقال عنها.

جوانب العلاقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المبارك.

من المذهل أن تتعرف على العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المبارك، حيث أن الرابط الفريد بين المسجدين كان في قصة بنائهما والتي وردت في حديث نبوي شريف رواه البخاري ” قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع أوّل؟ قال: المسجد الحرام، قلت ثم أي؟ قال ثم المسجد الأقصى، قلت كم كان بينهما قال: أربعون. وهذا الحديث يعد من أهم مفاتيح دراسة العلاقة بين المسجدين. حيث أن هناك تشابهاً في البناء وتبين من خلال دراسة أهل الاختصاص أن التخطيط الهندسي لمنطقة المسجد الأقصى يشبه التخطيط الهندسي لمنطقة “الكعبة”. وكما نشير بالذكر أن بانيهما واحد وهو آدم عليه السلام.

المسجد الأقصى المبارك ليس حرماً.

يسمي بعض الناس المسجد الأقصى خطأً (الحرم القدسي الشريف) أو (ثالث الحرمين)، وهذه التسمية غير دقيقة، لأنه ليس في الإسلام إلا حرمان اثنان؛ المسجد الحرام في مكة، والمسجد النبوي في المدينة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إن إبراهيم حرم مكة، ودعا لها، وإني حرمت المدينة، كما حرم إبراهيم مكةَ ودعوت لها”. ومعنى الحرَم شرعا: أنه يحرم فيه الصيد والتقاط اللقطة وقطع الشجر وغير ذلك من الأشياء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المدينة حرام ما بين عير إلى ثور لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا
تلتقط لقطتها إلا من أشاد بها ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها سلاحا لقتال ولا يصلح أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره”، أما المسجد الأقصى فلا تحرم فيه تلك الأفعال وتكمن خطورة مصطلح “الحرم القدسي” في أن بعض المسلمين صاروا يظنون أن المسجد الأقصى هو فقط المصلى القبلي “البناء ذو القبة الرصاصية” وأن الحرم هو الساحات التي حوله، فصار المسجد الأقصى شيء، والحرم القدسي شيء آخر.

حائط البراق

كان أول عمل قام به اليهود بعد احتلال القدس، هو تدمير حارة المغاربة بالكامل ثم تسويتها بالأرض والاستيلاء على حائط البراق وساحته التي كانت ملاصقة لحارة المغاربة، حيث ادعوا أن هذا الحائط هو من بقايا معبدهم الموهوم، فيأتون عنده للصلاة والبكاء ولذا أطلقوا عليه زوراً وبهتانًا اسم “حائط المبكى”. والحق أن هذا الحائط هو حائط البراق وسمُي بهذا الاسم لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أُسري به من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى المبارك، ربط دابة البراق بحلقة كانت في هذا الحائط، ثم صلى ركعتين داخل المسجد الأقصى.

من الذي بنى المسجد الأقصى

نعلم أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع على وجه الأرض، وهذا يعني أن بناءه ترافق مع بداية وجود منهج الله في الأرض، ومع بداية وجود الأنبياء الذين دعوا لعقيدة التوحيد، وبالتالي يستحيل أن يكون من بناه هو إبراهيم عليه السلام ولا سليمان عليه السلام ولا عمر بن الخطاب ولا عبد الملك بن مروان، لأنهم كلهم عاشوا في فترات متأخرة نسبيا.
إن الأقصى مبني من لدن آدم عليه الصلاة والسلام، لأن آدم عليه الصلاة
والسلام هو أول الأنبياء، ولا يُعقل أن يعيش آدم عليه السلام مئات السنوات من
غير أن يبني بيتا لعبادة الله؟؟ ألم ينزله الله على الأرض ليكون خليفة؟؟ ولم يكن في الأرض أيام آدم وبعده من يصده عن بناء مسجد لعبادة الله، لأنه لم يكن على وجه الأرض من يكفر بالله حتى تلك اللحظة.
وبذلك يكون آدم عليه السلام هو الباني الحقيقي للمسجد الأقصى

الخاتمة

لا عجب أن يكون المسجد الأقصى ثالث الأماكن قداسة في الإسلام، ولا غرابة أن تقتتل عليه الأمم كلها، فإذا عرفت الأقصى وعرفت كيف تحبّه فكن على يقين بأنك ستعرف الطريق إلى النصر الذي كتبه الله عز وجل لهذه الأمة، فالنصرمؤكد والتحرير قريب والعزة موشكة ولكن تحتاج إلى صبر وعمل، فكن أقصى يمشي على الأرض